مفهوم التخطيط التربوي
التخطيط التربوي عملية شمولية وبنيوية مُنظّمة ومُقيدة بإطار زمني؛ تضمن رصد جميع المؤثّرات والمتغيّرات والمعايير الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، ودراسة احتياجات النظام التربوي ومحاولة التنبُّؤ بالمُشكلات والمُتغيّرات التي قد تطرأ عليه، أو تحدُّ من نجاعته، وايجاد الخطط اللازمة لتذليل هذه العقبات وحلّها، ويعتمد التخطيطُ التربوي على البيانات المُستخلصة من الدّراسات التحليليّة ليستثمر نتائجها من أجل بناء الخطط المُلائمة، وتحديد النتائج الكميّة والنّوعيّة التي يُهدف الى تحصّلها عند تطبيقه. ويتصفُ التخطيطُ التّربوي بخاصّيتي الشُّموليّة والضبط الجزئي، ليتلاءم مع جميع عناصر العملية التعليمية-التعلمية ومتطلّباتها.
أهداف التخطيط التربوي
تتنوّع أهداف التخطيط التربوي من تنظيم الموارد وإدارة الإمكانيات المُتاحة في سبيل الاستثمار الأنجع؛ من أجل تحقيق مستويات أعلى من الجودة، وفي إطار زمنيّ قصير بتّكلفة أقل، ويتّسمُ التخطيط التربوي بغنى أهدافه وسموّها، إذ تنطلق هذه الأهداف من معرفة الواقع ومعطياته واستقراء حاضره، ثم السّعي نحو التغيير لتحقيق الأمثل في الجوانب الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة وغيرها.
و يسعى التخطيط التربوي إلى تطوير الإنسان والاستثمار فيه، وتفعيل أدواره في شتّى المجالات عن طريق بنائه التعليمي والذاتي، فهو ذو طابع متغيّر وديناميكي، إنّ التخطيط التّربوي يصنعُ التحسن المستمر ويستشرفُ المستقبل المتطوّر، ليضمن ديمومة التحسين والتجويد في جوانب الحياة المختلفة.
يمكن تلخيص أهداف التّخطيط التّربوي في أربعة مجالات رئيسيّة؛ هي الأهداف الاجتماعية، والاقتصاديّة، والسياسيّة، والثّقافيّة.
الأهداف الاجتماعيّة للتخطيط التربوي
تتجلّى أهداف التخطيط التربوي اجتماعيّاً في كونها تهتمُ بجميع الأفراد بمختلف أنماطهم وخصائصهم واهتماماتهم، وتسعى إلى تطويرهم بما ينسجم مع متطلّبات المستقبل واحتياجاته، ويستهدفُ التخطيط التربويّ فيما يخص الجانب الاجتماعيّ ما يلي:
تيسير التعليم للأفراد بما يتناسب ومهاراتهم واحتياجاتهم، وضمان تكافؤ الفرص بينهم
توفير الأطر القادرة على تطوير المجتمع والنهوض به
السعي إلى تطوير المجتمع ورقيّه، وتحسينه ليصبح متحضرا ومسايرًا اجتماعياً
ايجاد منطقة موازنة بين الأصالة والحداثة مع المحافظة على هوية المجتمع وتقاليده وعاداته
الأهداف السياسيّة للتخطيط التربوي
يرتكز بناء الوطن أساسا على التربية السليمة، لتنتج منها تفاعلات بين المواطنين وانسجام وتآلف وتلاقي مع الأهداف السياسة ضمن نطاق الديموقراطيّة والمواطنة الصالحة والتشاركيّة، ويرمي التخطيط التربوي إلى تجسيد ديموقراطيّة الأفراد وسيادة الدولة يتمثل في مجموعة من الأهداف، منها
تعزيز المواطنة، وترسيخ مفاهيمها في نفوس الأفراد
تعزيز الانسجام بين الفرد والمجتمع، والمحافظة على الكيان السياسيّ للدولة
تعزيز الانسجام بين الفرد والمجتمع، والمحافظة على الكيان السياسيّ للدولة
المحافظة على الثقافة الشعبية، وتعميق مفاهيم الاختلاف، التعددية والحوار، وقبول الآخر ليتحقق التعايش والتفاهم مع الشعوب الأخرى
الأهداف الثقافيّة للتخطيط التربوي
يُثمن التخطيط التربوي ثقافة المجتمع، ويعمل على تناقلها عبر الأجيال، وتشمل الأهداف الثقافية للتخطيط التربوي ما يلي:
المحافظة على ثقافة المجتمع
النهوض بالبحث العلميّ، ودعمه في سبيل تطوير الثقافة
تطوير ثقافة المجتمع وتخليصه من الأمية، والقضاء على الفروقات التعليميّة والثقافيّة والطبقية، وتوسعة مدارك الأفراد وتحفيزهم على التعليم والتثقيف
الأهداف الاقتصادية للتخطيط التربوي
يهدف التخطيط التربوي الى تحسين المستوى الاقتصاديّ للمجتمعات من خلال استقراء الحاجة للأيدي العاملة والقوى الكامنة، وتأمينها بصورة تتلاءم مع التغيرات المستقبليّة، ويرافق ذلك دراسة التخصصات، والموارد المتاحة، وترتيب إنفاقها واستثمارها الأمثل فيما يحقق المنفعة التنمويّة ويقلل الهدر، ومن الأهداف الاقتصادية للتخطيط التربوي:
.التخطيط المتقن لسياسة الإنفاق فيما يخص موارد التعليم واحتياجاته-
.تحقيق المرونة الوظيفيّة والاستقرار، بما يضمن التعامل مع المتغيرات الاقتصاديّة والوظيفيّة-
.تطوير المستوى المعرفيّ والمهاري للأفراد، لرفع الكفاءة الانتاجيّة، وتطوير القطاعات الصناعيّة والاقتصاديّة-
.تأهيل الأيدي العاملة وتوفير فرص العمل، والقضاء على البطالة-
أهميّة التخطيط التربوي
تمكن التخطيط التربوي من فرض نفسه في النظام التربوي الحديث؛ نظرا لما يقدّمه من دعائم وركائز لمسايرة التنمية الشاملة، ليثبت نفسه كأساس يُعملُ به، فقد أثبت الحاجة الملحّة للتخطيط التربوي المبني بالمنهجيّة العلميّة، ليكون أساساً ومرتكزاً لا إجراءً ثانويّاً أو كماليّاً، أصبح من أهم معايير نجاح الدُّول وعوامل تقدُّمها، إذ يقترن تقدُّمها بالتخطيط السليم والإجراء المبني على الاستراتيجية والدليل، أما الارتجاليّة والعشوائيّة فلا يغدو أكثر من سلاح هدّام يأكل كل ما تقدّم حتّى لا تقوم للأمة قائمة، وتبرز أهميّة التخطيط التربوي في عدة عناصر فعّالة، أهمُّها
قدرته على تشخيص الواقع وتحليل مُدخلاته، واستشراف المستقبل لتوقّع نتائجه، لضمان الإنتاج الأمثل
القدرة على تحديد الطاقات المجتمعيّة والفرديّة وقدرات النظام التربويّ، ثمّ رسم الأهداف التربوية بما يتلاءم مع معطيات الواقع
تخطيطُ العمليّة التربويّة وتقسيمها إلى مشاريع وعمليات لبلوغ الأهداف المنشودة، وربطها بالعامل الزّمني
جرد البدائل المتاحة لتطوير البيئة التربويّة وتنميتها ضمن الاستطاعة، ثم الموازنة بين الأهداف والموارد
مواكبة التطوّر التربوي العصريّ
تعدّد مجالات الاستفادة والتطوير، بحيث يؤثر إيجاباً في الاقتصاد والسياسة والثقافة وغيرها، فهو بذلك عمليّة تطوير شموليّة مستمرّة لا مرحليّة
ربح الوقت والمال والمجهود، والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة لإنتاج أكبر
رفع معدلات النمو الاقتصادي ومستوى الدخل القوميّ عبر زيادة الإنتاج، وخفض التكلفة
تحديد الفجوة بين الواقع والأهداف المطلوبة، لوضع الآليات والاستراتيجيّات المناسبة لتجاوزها والمضي نحو تحقيق التقدم والتطور.